
بقلم -إكرامي سعيد
السادية بحالاتها الشديدة: اضطراب نفسي يؤدي إلى انحراف سلوكي مؤذٍ للآخرين، يتمثل عادة بالتنمر عليهم بالإساءات اللفظية والجسدية، وينتشر عادة بين البالغين والفئات العمرية الصغرى سنًّا كما في المدارس، والشخص السادي من هذا النوع عدواني شرس قاسي القلب، يتلذذ بعذابات الآخرين وقهرهم، يعامل من هم تحت سلطته بلا رحمة، ولا يقيم وزنًا لمشاعرهم، ولا يثق بغيره، فإن كان أبًا فهو يعاقب أولاده بالضرب المبرح، أو بالإيذاء النفسي الشديد، بالحرمان المبالغ به مما يحبون، وتقييد حريتهم في اللعب والحركة بحبسهم، وقد يصل الأمر بالبعض إلى تقييد الأيدي أو الأرجل، وقد يضرب زوجته ويهينها ويحقرها لأتفه الأسباب حتى أمام الآخرين، ولا يكاد يسلم أحد ممن يحيطون به من شره، فيتحاشونه قدر الإمكان، أما بين طلاب المدارس، فيتمثل ذلك في ظاهرة التنمر بممارسة العنف والتعدي بالضرب على الطلاب الأضعف جسديًّا، وتوجيه الإهانة لهم بشكل دائم.
أما في العمل، فإنه يستمتع بإهانة مرؤوسيه، وتحقيرهم، والتقليل من شأنهم؛ بالصراخ والسباب والشتم، دون مراعاة أدنى شعور لهم، ويحول أخطاءهم البسيطة إلى كوارث، ويفرض عليهم عقوبات مشددة كالخصومات المادية من رواتبهم، وإلغاء إجازاتهم، أو مد ساعات عملهم، وشتى أنواع العقاب الذي يمكن ليده أن تطوله، أما إن كان السادي موظفًا صغيرًا، فهمه الأكبر إفساد الود بين الناس ونقل سيئ الأخبار.
مصيبة هؤلاء – وإن كانوا قلة في المجتمع – أنهم يسببون معاناة نفسية ومادية للكبار والصغار أينما حلوا، وإن باستطاعة البالغين على الأغلب تجاوز الأمر بطريقة ما؛ لفهمهم وعلمهم بما يجري، فإن المشكلة مع الأطفال الضعفاء أعظم؛ فقد يصابون بانعدام الثقة بالنفس والرهاب الاجتماعي، بل وحتى يصابون بأمراض نفسية أكثر خطورة إن طالت معاناتهم مع أمثال هؤلاء المعتلين في نفوسهم، بل وربما عقولهم إلى حد ما؛ لأنهم قد يستسيغوا سلوكهم، مع طول فترة المعاناة، ويحملون معهم بعضًا من مساوئهم عندما يكبرون.
برأيي، فإن الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الفئة من البشر ممن هم خارج المصحات النفسية هو ممارسة الضغط عليهم بنفس الأسلوب الذي يعاملون به غيرهم، بترهيبهم المباشر ممن هو قادر على ذلك، وحتى التنمر عليهم إن أمكن، وشكواهم لمن هم أعلى منهم سلطة في العمل؛ لردعهم، أما في الحالات الأسرية، فالواجب تدخل الأهل والأقربين، أو من لهم عليهم تأثير من المحيطين، أو حتى استدعاء الجهات الأمنية إن لزم الأمر، وإبعاد الأطفال عنهم بقدر المستطاع.
على ذمة المختصين، فإن كل فرد في المجتمع لديه ميول سادية نوعًا ما، ولكنها عند الأغلبية بسيطة لا تكاد تُذكر، وغير مؤذية لمن حولهم، ولتتعرف على مقدار ما بداخلك من هذا السوء، أقترح عليك هذا الاختبار البسيط لنفسيتك الذي قد يعطي مؤشرًا مبدئيًّا عن حالتك: تخيل أمامك حيوانًا لا يخصك ينزف ويعاني نتيجة حادث ما في الطريق، وتستطيع أن تمد له يد العون بسهولة دون أن يكلفك ذلك سوى اقتطاع جزء بسيط من وقتك، فأنت طبيعي إن شعرت حقًّا برغبة في المساعدة، وسارعت إليها أو على الأقل راودك شعور حقيقي بالألم والأسى للمنظر، وحالتك فيها نظر إن لم يتحرك بداخلك أي إحساس، وتركت المكان وكأنك لم تر شيئًا، أما إن أمتعك منظر الحيوان وهو يموت ببطء، وطابت لك المشاهدة، فلديك بعض من هذا الشر، أما إن كان المصاب إنسانًا، وليس حيوانًا، فبداخلك مرض يتطلب العلاج.